حزب الله والشرق
The Daily Reports
July 9, 2020
أخبار, الإرهاب, الشرق الأوسط وشمال إفريقيا, سوريا
195 Views
لبنان سياسيا
خلفية
- لبنان هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك في دستورها نظاما يدعى “الديوقراطية التوافقية” أي تنص على انتخابات وفق آلية مخصصة طائفية تراعي وجود ١٨ طائفة منتشرة على الأرض اللبنانية
- استمرت الحرب الأهلية في لبنان لأكثر من ١٦ عاما، وانتهت بالهيمنة العسكرية السورية على لبنان فيما سمي “عهد الوصاية السورية على لبنان”، وأبرز إنجاز قام به الجيش السوري، كان تصفية حركة فتح الفلسطينية المسلحة من لبنان وطردها نحو تونس، رغم ادعاء النظام السوري بانه يحارب إسرائيل
- وتم إعداد دستور للبنان دعي بدستور الطائف، وحمل هذا الدستور توافقا بين الطوائف اللبنانية وفق الشكل التالي:
- رئيس الجمهورية: مسيحي ماروني “وفعليا هو منصب شكلي لأن الرئيس لا يمتلك صلاحيات عالية في إدارة البلاد
- رئيس الوزراء: سني، وفعليا لدى رئيس الوزراء صلاحيات واسعة جدا تجعله الحاكم الفعلي للبنان
- رئيس مجلس النواب: شيعي، وهيمن على هذا المنصب لسنين عديدة “نبيه بري” الذي يصنف بأنه رجل سوريا الأول في لبنان وهو مرتبط بالحرس الثوري الإيراني، ويمثل هذا المنصب فرصة لتمير كل معاملات الفساد الحكومية، وهذا الأمر جعل نبيه بري الرجل الأغنى في لبنان
- تجنب حزب الله الدخول في الحكومة اللبنانية خلال مناوشاته العسكرية مع الجيش الإسرائيلي، وقوات الجنرال لحد، ومع وصول بشار الأسد للحكم، أدخل بعض النواب له في مجلس النواب، واستمر بدعمه لنواب حركة أمل، ولكن بعد معارك عام ٢٠٠٦، بادر الحزب لطرح نفسه بقوة أكبر، وتدريجيا سيطر على الحكومة اللبنانية بعد أن سيطر على أهم مركز أمني في لبنان (فرع المعلومات) الذي كان بيد أسرة الحريري، وأصبح الجنرال عباس إبراهيم الحاكم الأهم للأمن اللبناني، ودفع عدد كبير من عناصره للدخول بالجيش اللبناني، مما جعله نافذا في المؤسسة العسكرية أيضا
- يمتلك حزب الله جمهورا عريضا في كل الطائفة الشيعية، وهذا الأمر مكَّنه بأن يهيمن على ترشيح عدد كبير من النواب غير الشيعة المترشحين عن مقاعد نيابية في مناطق ذات غالبية شيعية وفق ما ينص الدستور اللبناني، ويتحالف حزب الله اليوم مع التيار الوطني الحر الذي يرأسه جبران باسيل وهو صهر رئيس الجمهورية الجنرال ميشال عون
لبنان اقتصاديا:
- الشراكة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، تضمن للتيار الوطني الحر الغالبية البرلمانية في أي حكومة قادمة وتحديدا بين النواب المسيحيين، وهذا ما يجعل ميشال عون وجبران باسيل متمسكبن بالتحالف السياسي مع حزب الله
- لكن حزب الله مدرج ضمن لوائح الخزانة الأميركية على أنه تنظيم إرهابي، وهذا الأمر يؤدي لتضيق الخناق الإقتصادي على لبنان بهدف تحييد هذا الحزب عن الحياة السياسية العامة
- حافظت الليرة اللبنانية على سعرها لمدة تزيد عن عشرين عاما، حيث كان الدولار الواحد يوازي ١٥٠٠ ليرة لبنانية، وفجأة تغيرت المعادلة ليصل سعر الدولار لمبلغ ٢٢٠٠ ليرة لبنانية في شهر مايو/أيار ٢٠٢٠، ثم ما لبث أن انهارت العملة اللبنانية بداية مايو/ حزيران لتصل إلى عشرة آلاف ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد
- الإنهيار المالي الكبير في لبنان تزامن مع تخلي سعد الحريري زعيم “تيار المستقبل المدعوم سعوديا” عن قيادة الحكومة، والأمر الذي دفع الجنرال عون لاختيار الأكاديمي “حسان دياب” لتشكيل حكومة جديدة، ولكن حكومته كانت فاشلة ، الأمر الذي دفع لانهيار العملة اللبنانية
- العملة اللبنانية لم تكن المشكل الإقتصادي الوحيد في لبنان، بل ترافقت مع بدء الحكومة الأميركية بتطيق قانون قيصر الذي يستهدف كل من يدعم النظام السوري، وبالتأكيد حزب الله والنظام الإيراني هم أكبر المعنيين بهذا الملف، لذا فرضت الخزانة الأميركية على لبنان عدم استجرار الكهرباء من سوريا، حيث كان النظام السوري يبيع الكهرباء للبنان منذ ثلاثة عقود
- أيضا يعرف بأن لبنان هي أحد مصادر تزويد النظام السوري بالوقود، وهذا قد يحتم على من ينقلون الوقود من لبنان نحو سوريا إجراءات عقابية، خاصة وأن أغلب طرق تهريب النفط من وإلى سوريا عبر لبنان هي طرق غير شرعية ويتم التحكم بها من قبل مليشيا حزب الله
مشروع طريق الحرير والصين:
- صرح الأمين العام لحزب الله يوم ٧ حزيران/ يوليو ٢٠٢٠ بأن حزب الله لا يعترض على أي مساعدات غربية للبنان إن قرر الغرب مساعدة لبنان في أزمته المالية الحالية، ومن فسر خطابه السابق بأن على لبنان التوجه شرقا، بأن على لبنان التحالف المطلق مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية فقط هو أمر غير دقيق، ولكن على لبنان البحث عن مصادر تدعمه في سوريا والعراق وإيران إن كان الغرب والبنك الدولي سيستمران بعدم دعم لبنان ماليا
- ولمح حزب الله في خطابه لإمكانية التعاون مع الصين، وفعليا هذه أول مرة يتطرق فيها حسن نصر الله للصين، ولعل إشارته لها هدفها التمهيد لفكرة عريضة وهي أن حزب الله ومن ورائه الحكومة الرازخة تحت سيطرته وسيطرة الحرس الثوري الإيراني هي مستعدة للدخول بمشروع طريق الحرير الصيني لهدف تحويل لبنان من دولة عربية ذات توجه غربي سياسيا، إلى دولة عربية جديدة منضمة للتحالف الأوراسي الذي تقوده بكين اليوم ضد حلف الأطلسي
- يوم ٨ حزيران/ يوليو ٢٠٢٠ زار محمد باقري “رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية” دمشق، ووقع هناك مع وزير الدفاع السوري علي عبد الله أيوب، سلسلة من اتفاقيات التعاون العسكرية من أبرزها تعزيز قدرات دمشق الدفاعية الجوية، مما يعني أن منظومات الصواريخ الدفاعية الإيرانية ستغزو سوريا، لتكون رديفا لصواريخ S300 الروسية والتي لم يستخدمها النظام ضد الهجمات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، وعلى مواقع الحرس الثوري الإيرانية في (حلب، مصياف، حمص، دمشق، القنيطرة، دير الزور، الميادين، بانياس)
- ويلاحظ في سوريا وجود لمنظومة الصواريخ الروسية S400 في قاعدة حميميم الخاضعة للقيادة العسكرية الروسية، ولكن الروس لم يستخدموا هذه المنظومة ضد إسرائيل ولكن بالتأكيد قد تستخدم لدعم التحالف الروسي-الصيني ضد أية مخاطر من المنظومة الغربية “حلف الأطلسي” في حال تم تهديد مشروع طريق الحرير الصيني
الخلاصة
- مشروع طريق الحرير الصيني، هو مشروع طويل الأمد، ويتمدد بهدوء بحيث لا تشعر واشنطن بقلق كبير، ولكنه بالحقيقية هو أخطر المشاريع التي تهدد الإقتصاد الأميركي، ففي حال تم إنجازه، فإن التعامل المالي لن يكون منحصرا بالدولار، بل سيكون بالعمل المحلية أو قد تبتكر الصين عملة رقمية لتحل مكان الدولار وبالتالي تنهار الإمبراطورية المالية الأميركية
- لبنان منهار اقتصاديا، ولكن حزب الله غير متضرر بشكل كبير، فشيعة لبنان كانوا تاريخيا فقراء لبنان، وما أحدثه حزب الله للشيعة اللبنانية يجعل شعبيته بين الشيعة أمرا مستمرا، كما أن أسواق التهريب وتوظيف شباب الشيعة اللبنانية كمقاتلين للحزب في سوريا لقاء أموال من الحرس الثوري الإيراني، هو أمر يوفر دخلا ماليا مقبولا لأي أسرة شيعية لبنانية تعمل مع الحزب، كما أن الحزب يوفر فرصا وظيفية لشريحة كبيرة من شيعة لبنان في دوائر الدولة اللبنانية التي يسيطر عليها مثل مرفأ بيروت، ومطار رفيق الحريري، والأمن العام، والجيش، ووزارة الصحة
- الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعول بشكل كبير على احتمال خسارة الرئيس دونالد ترامب للإنتخابات، وفي حال تم هذا الأمر، فإن المرشح الديموقراطي جو بايدن قد ينسف كل العقوبات على طهران كما فعل الرئيس باراك أوباما، وهذا سيعني احتمال تنامي هيمنة الحرس الثوري على سوريا ولبنان بشكل يؤدي مستقبلا لطرد كل المناوئين لسياسة طهران، والسماح لطهران بمد أنبوب نفط يربط حقولها النفطية بالبحر المتوسط عبر العراق وسوريا، وتعتمد إيران في هذه الإسراتيجية على تمويلات قد تكون حاضرة من بكين في ما يسمى مشروع طريق الحرير الصيني الجديد، لأن طهران تسعى كما أوردنا في تقريرنا السابق (العلاقات الصينية-الإيرانية) يوم ١٥ مايو/أيار ٢٠٢٠ لبناء تحالف مع دول آسيا الوسطى حيث وفرت لأذربيجان ممرا لنفطها نحو الخليج العربي، مقابل تزويد الأخيرة لأقاليم إيران الشمالية بالطاقة الكهربائية، وبحال تم هذا الأمر ستكون إيران القائدة الإقليمية لمشروع طريق الحرير الصيني من وسط آسيا وصولا للبحر المتوسط، وبدورها موسكو تسعى لاحتواء تركيا أيضا عبر تمرير أنابيب الغاز الروسية في تركيا وجعلها شريكة لموسكو بهذا البرنامج، وفي حال استمر الأمر لموسكو وإيران ، فإن عموم منطقة الشرق الأوسط ستكون تحت النفوذ الجيوسياسي للتحالف الأوراسي، وهذا بالتأكيد خطر كبير على السياسية الأمنية والإقتصادية لواشنطن، وعلى حلف شمال الأطلسي التنبه لهذا الخطر وبناء استرتجيات ردع سنتكلم عنها في التقارير القادمة