أخر الأخبار
الصفحة الأم / أخبار / الرئيس ماكرون على حق، الإسلام اليساري تهديد

الرئيس ماكرون على حق، الإسلام اليساري تهديد

لقد بدأ الأمر بقطع رأس إنسان، حيث أنه في أكتوبر من السنة الماضية، استخدم اللاجئ الشيشاني عبد الله أنزوروف البالغ من العمر 18 عاما ساطورا لقتل مدرس التاريخ صمويل باتي في أحد ضواحي باريس، حيث أن الإهانة الوحيدة التي قام بها المدرس هي طرحه لنقاش في الفصل حول حرية التعبير، وقام بعرض رسم كاريكاتوري لنبي الإسلام محمد على طلابه، وبعد الحادثة أطلقت الشرطة الفرنسية النار بعد تدخل سريع، حيث تم تحيد قاتل باتي بعد وقت قصير من الهجوم.

بعد الحادثة، تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بطريقة قوية من أجل الدفاع عن المبادئ الأساسية للأمة والمتمثلة في العلمانية وحرية التعبير، كما لم تخفي الدول الغربية الأخرى تخوفها من حادثة القتل ودعمها الثابت لفرنسا، لكن وبعد ثلاثة أشهر فقط بدأ كل شيء يتغير، فعندما بدأت فرنسا في مناقشة قوانين جديدة لمحاربة الإسلام السياسي، أو النمط السياسي المحافظ للإسلام، بدأ الحلفاء في الانسحاب بسبب تخوفهم من أن إجراءات الرئيس ماكرون كانت قاسية جدا، ومن الممكن أنها ستروج للكراهية ضد الإسلام باسم التنوير.

حيث يواجه ماكرون الآن مزيدا من الانتقادات بسبب اقتراحه الأخير والذي هو عبارة عن حملة ضد ما يسميه الرئيس وآخرون بالإسلام اليساري، كما أنه تم التحذير من أن هذا الفكر يجلب منظورا خطيرا وشكلا من أشكال “إلغاء الثقافة”، بحيث أنه مستورد بشكل جزئي من حرم الجامعات الأمريكية إلى فرنسا، وبلغ النقاش مستويات جديدة في شهر فبراير عندما دعت وزيرة التعليم العالي الفرنسية فريديريك فيدال إلى إجراء تحقيق في تأثير ما وصفته بالنشاط الإسلامي اليساري المتشدد في الأوساط الأكاديمية الفرنسية.

كانت ردود الأفعال سريعة، عنيفة وغاضبة ضد الحملة، مما أدى إلى تأجيج الوضع في الداخل والخارج، حيث وصفت صحيفة لوموند الفرنسية “الإسلام اليساري” بأنه مصطلح خطير، كما قال مؤتمر رؤساء الجامعات في فرنسا أن هذا المفهوم عبارة عن “فكرة زائفة” يتم استخدامها من قبل اليمين المتطرف، ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز التي تصف “الإسلام اليساري” على أنه مصطلح مستخدم من قبل الشخصيات المحافظة واليمين المتطرف  ضد أولئك الذين يتهمونهم بالتساهل مع الإسلاميين ، والذين يركزون فقط ودائما على الإسلاموفوبيا، كما أن الباحث في علم الاجتماع  التابع للمركز القومي للبحوث العلمية الفرنسية الذي طلبت منه الوزيرة فيدال إجراء تحقيق في البلاد، صرح لصحيفة التايمز أن مصطلح الإسلام اليساري استخدم بهدف نزع الشرعية خلال النقاشات، وذلك في إطار سباق لإسكات الطرف الأخر. 

لكن الرئيس ماكرون كان على حق، حيث أن اليمين المتطرف ليس الطرف الوحيد الذي يعتقد ذلك، فالديمقراطي الليبرالي يعتقد ذلك أيضا، وكذلك يفعل عدد لا يحصى من الناس القلقين بشأن التقاء “ثقافة الضحية” التابعة للإسلام اليساري المتطرف وميول الإسلاميين المتطرفين الذين يستغل الكثير منهم مفهوم أن المسلمين ضحايا للتطرف بهدف تجنيد الشباب المسلم، وفي الواقع، وفي وقت مبكر من سنة 2015، صرح خبير مكافحة الإرهاب البريطاني من أصول باكستانية، ماجد نواز، في صحيفة ديلي بيست قائلا: “يتم تغذية المسلمين البريطانيين بمهدئات يسارية رجعية، مما يشجع على ثقافة الضحية بهدف وصولهم لأهداف إيديولوجية تافهة ضد الغرب، وذلك باسم التنوع الثقافي، كما يتم خنق الطموح والتوقعات بسبب أن المسلمين لديهم ثقافتهم الخاصة الغير معروفة، مما ساهم في ازدهار الفصل بين الذات والانغلاق “.

وعلى الرغم من أن نواز كان يتحدث عن المسلمين بشكل عام، إلا أن جهود الرئيس ماكرون تركز على الوسائل التي يستغلها الإسلاميون مثل ثقافة الضحية، وكذلك الطرق التي يستخدمها اليسار المتطرف لصالحه، وإن كان ذلك عن غير قصد، فهنا يظهر التحالف بين المجموعتين، فكما يحذر الرئيس ماكرون من الاحتجاجات العنيفة أحيانا ضد المتحدثين المؤيدين لإسرائيل في الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وكذلك يحذر من حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) المعادية للسامية، والتي تحظى بشعبية بين المنتمين لليسار، ولا سيما الجماعات الطلابية اليسارية والتحالفات المناهضة لإسرائيل فيما يطلق عليه بـ “السكواد – الفرقة” في الكونجرس الأمريكي، وذلك بقيادة الناشطة اليسارية المتطرفة عضو الكونغرس ألكساندريا أوكاسيو كورتيز الممثلة عن ولاية نيويورك، وإلهان عمر ذات الأصول الصومالية الممثلة لولاية ماين، حيث تم ملاحظة الدفاع المتكرر من قبل أعضاء اليسار المتطرف عن العناصر المعادية للمرأة في الإسلام المحافظ، وكمثال البرقع والحجاب، حيث تم تنظيم العديد من الأحداث مثل “يوم ارتداء الحجاب” بهدف دعم النساء المحجبات، مع الإخفاق في تنظيم حدث مماثل دعما للنساء اللواتي يخاطرن بحياتهن برفض لبس الحجاب، وعلى النقيض من ذلك، أقامت المسلمة السابقة الكندية ياسمين محمد على شرفها حدثا سنويا أطلقت عليه “ليس هناك يوم للحجاب” وذلك في الفاتح من فبراير.

يوضح نواز في افتتاحية ديلي بيست: “هناك خوف طبيعي من طرف اليسار الأوروبي الذي يؤمن أن تحدي التطرف الإسلامي لن يساعد إلا اليمين المتطرف في أوروبا”، ومع ذلك فإن العكس هو الصحيح، فالتعاطف المفرط للنشطاء اليساريين المتطرفين يساهم فقط في ارتكاب عدد من الانتهاكات في العائلات المسلمة المحافظة، مثل القاضي الألماني الذي رفض منح امرأة مسلمة الطلاق بعد أن تعرضت للإساءة من قبل زوج عنيف، وكما صرح القاضي أنها جاءت من بيئة ثقافية مغربية ومن المألوف أن يمارس الرجل حق العقاب البدني على زوجته، وهذا ما أضاف الوقود للمتعصبين البيض، كما أن اليسارين يعتبرون مجموعة داعمة لجهود الإسلاميين ضد الاستيعاب في أوروبا، على سبيل المثال، تأييد حملات لإنهاء احتفالات عيد الميلاد وإزالة لحم الخنزير من وجبات الغداء المدرسية وكذلك اغلاق المعارض الفنية والفعاليات الثقافية الأخرى، كما أن الجماعات اليسارية المتطرفة انضمت إلى المحتجين الإسلاميين في القضية متحدية بذلك مبادئ حرية التعبير، كل هذا أعطي المتعصبين البيض مواضيع مجانية لحملاتهم، مما يضيف إلى قائمة الحجج الخاصة بهم أن المسلمين يدمرون الثقافة الغربية.

ساعدت التحالفات الأخرى بين المسلمين الراديكاليين واليساريين الراديكاليين في زيادة الموجات المتزايدة المرتبطة بمعاداة السامية في أوروبا، وفي استطلاع سنة 2018 لليهود الأوروبيين الذين عانوا من معاداة السامية، أفاد 30 بالمائة من الضحايا أن الجاني كان مسلما متطرفا، وقال 21 بالمائة أنهم أشخاص ينتمون لأقصى اليسار، وعلى النقيض من ذلك، كانت الجماعات اليمينية المتطرفة والنازية الجديدة مسؤولة عن 13 بالمائة فقط من الحوادث المعادية للسامية التي تم الإبلاغ عنها، ورغم أن الجماعات المتطرفة المعادية لإسرائيل والجماعات الإسلامية واليسارية تدين إسرائيل دفاعا عن الحرية الفلسطينية وتروج لنظريات المؤامرة المعادية لليهود، فإنهم يساندون الحرب العالمية القائمة من طرف المتعصبين البيض والنازيين الجدد ضد اليهود.

وبهدف الإنصاف، فإن موقف ماكرون لا يخلو من العيوب، فبعض النقاد على سبيل المثال شككوا في مصطلح “الإسلام اليساري”، مشيرين إلى أنه يفشل في التمييز بين الإسلام والمسلمين بشكل عام وتبيان الفرق بينهما وبين الإسلاموية، والتي وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر الأمريكية، تعرف على أنها حركة إسلامية متشددة مناهضة للديمقراطية، تحمل رؤية شمولية مرتبطة بالإسلام بحيث أن هدفها النهائي هو استعادة الخلافة “، لكن هذه الحجة حتى لو تم تبريرها تغفل عن النقطة الأهم وهي أن الجماعات اليسارية والإسلامية المتطرفة التي تعمل بالتزامن، تحشد العنصريين البيض مما يحرض على المزيد من المعارك الساخنة في حرب لا نهاية لها، وهنا يمكن القول أن الديمقراطية نفسها تعاني وتضعف، وإن لم نتوخى الحذر فستسقط.

شاهد أيضاً

كيف تستغل إيران الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في جميع أنحاء الشرق الأوسط

بدأت وسائل الإعلام الموالية لإيران في الاهتمام بالاحتجاجات ضد إسرائيل التي اندلعت في الأردن. ويشير …