مقدمة
عندما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت يوم الخميس بعد الإنفجار المدمر الذي أودى بحياة حوالي 137 شخصًا ، ناشده السكان أن يساعدهم وهم يشجبون قادتهم، حيث كان أول زعيم عالمي يزور المدينة منذ المأساة
اللبنانيون يفقدون ثقتهم بقادتهم السياسيين
تظهر المناشدات اليائسة من المواطنين اللبنانيين تجاه الرئيس الفرنسي أن هذا البلد قد فقد الثقة حقًا في النخبة السياسية الخاصة به، أطلقت قوات الأمن اللبنانية الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين في بيروت مع تصاعد الغضب على القيادة الوطنية في أعقاب الإنفجار الذي وقع في المدينة وأدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من العاصمة يوم الثلاثاء، وتجمع المتظاهرون أمام مجلس النواب اللبناني ، حيث أُشعلت النيران وألقيت الحجارة على قوات الأمن
الأمر نفسه حدث في أكتوبر الماضي ، مما أدى إلى إدانة قوى الأمن اللبنانية في تقرير حديث لـ هيومن رايتس ووتش لاستخدامها القوة المفرطة ضد المتظاهرين في عدة مناسبات
يجب ربط المساعدة والإصلاح
أدت مظاهرات أكتوبر العام الماضي إلى استقالة سعد الحريري ، الذي كان رئيس وزراء لبنان في ذلك الوقت، أطلق الرئيس اللبناني ميشيل عون مؤخرًا تحقيقًا فيما إذا كان التدخل الخارجي قد تسبب في الإنفجار ، لكن من المرجح أن تلقى أفعاله آذانًا صماء لأن الإنفجار في بيروت أدى إلى دعوات لإصلاح سياسي أوسع ، لا سيما من ماكرون ، الذي قام بذلك، قال إن أي مساعدة تأتي من فرنسا يجب أن تكون مرتبطة بالتغيير السياسي
لدى ماكرون فرصة فريدة لإقناع بقية المجتمع الدولي بالضغط على النخبة السياسية في لبنان لإصلاح نظامها، بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية التركية في الحرب العالمية الأولى ، أصبح لبنان محمية فرنسية حتى عام 1943، لذلك ، فإن للحكومة الفرنسية مصلحة راسخة في ضمان استعادة السلام والإستقرار للمحمية الفرنسية السابقة
ماكرون يتمتع بمزايا عديدة في قيادة جهود التغيير في لبنان
فرنسا عضو بارز في حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة ويمكن لماكرون استخدام نفوذه على المؤسستين لإقناع قادة العالم الآخرين بأن لبنان من المرجح أن يصبح أكثر عرضة للتأثير الإيراني إذا اختاروا عدم المساعدة، اكتشف معهد واشنطن أن الحكومة الإيرانية تزود جماعة حزب الله اللبنانية الإرهابية بمبلغ 100 مليون دولار في السنة، نظرًا لأن إيران تعمل حاليًا على إقامة علاقات أوثق مع روسيا وتركيا في الشرق الأوسط ، فإن لدى الرئيس الفرنسي فرصة لحث نظرائه على عدم السماح للبنان بأن يصبح عرضة لفراغ السلطة
ماكرون هو أيضًا أحد القادة الغربيين القلائل الذين تربطهم علاقة جيدة إلى حد ما مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سيكون دعم الولايات المتحدة حيوياً في المستقبل إذا كان للبنان أي أمل في إصلاح نظامه السياسي، يجب على ترامب أن يحذو حذو ماكرون إذا كان جادًا في منع موسكو وأنقرة وطهران من الإستفادة من ضعف لبنان
كما يقترح أمير أسمر من مجلس العلاقات الخارجية ، كان للجيش اللبناني دور فعال في هزيمة داعش وهي واحدة من المؤسسات القليلة التي ينظر إليها المواطنون اللبنانيون بإيجابية، لقد تمكنوا من هزيمة داعش بسبب التمويل الأمريكي ، وهذا هو السبب في أنه سيكون من مصلحة ترامب تمويل الجيش اللبناني حتى يتمكنوا من منع حزب الله من تعزيز قبضته على لبنان
على ماكرون أن يتجنب تكرار الأخطاء التي ارتكبها في ليبيا
على الرغم من ذلك ، كانت لتدخلات ماكرون في سياسات الشرق الأوسط نتائج متباينة حتى الآن، على الرغم من أن الرئيس الفرنسي وضع خطة من أربع نقاط كان من الممكن أن تقنع إيران بإنهاء برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الأمريكية ، فمن غير المرجح أن تتفق الولايات المتحدة أو إيران على صفقة جديدة قبل الإنتخابات الأمريكية في نوفمبر
إن رغبة الرئيس الفرنسي في إنهاء الحرب الليبية حقيقية ، لكن تصرفاته كانت خرقاء إلى حد ما، فشلت قمة باريس 2018 في استشارة مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة في الصراع الليبي ، وهو خطأ لا ينبغي لماكرون أن يرتكبه في لبنان إذا سلك هذا الطريق
على العموم ، ماكرون هو الزعيم العالمي الوحيد الأفضل لإقناع المجتمع الدولي بأنه بحاجة إلى دعم التغيير السياسي في لبنان ، وكان محقًا في الإشارة إلى ضرورة ربط المساعدة بالإصلاح، إنه يحتاج فقط إلى تذكر الدروس التي كان ينبغي أن يتعلمها من تدخله في ليبيا لضمان نجاحه في مساعدة المحمية الفرنسية السابقة على تحويل حكومتها إلى الأفضل
خاتمة
يبدو أن إحدى التماسات ماكرون الرئيسية – لإجراء تحقيق دولي في الإنفجار – لم تلق آذانًا صاغية يوم الجمعة عندما رفض عون مثل هذا التحقيق
قال ستيفان مالسنغ ، المؤرخ المتخصص في شؤون لبنان ، إن على ماكرون التعامل مع العوامل الإقليمية التي يقل نفوذه فيها ، لا سيما دور إيران
وقال إن “الإستقرار السياسي في لبنان لا يعتمد فقط على طبقته السياسية ولكن على المعايير الإقليمية”
