أخر الأخبار
الصفحة الأم / أخبار / لا يزال الصراع حول جماعة الإخوان المسلمين يفصل بين مصر وتركيا

لا يزال الصراع حول جماعة الإخوان المسلمين يفصل بين مصر وتركيا

يقال إن القاهرة تنتظر ما سيظهر من المحادثة الهاتفية الأخيرة بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

كشفت مصادر مصرية مطلعة أن العلاقات الوثيقة بين مصر والسعودية لم تمنع “كل دولة من الإحتفاظ بهامش استقلال للتحرك بالشكل الذي تراه مناسبًا على مستوى المنطقة”

وهكذا ، أظهرت الرياض قبل يومين مرونة واضحة تجاه تركيا ، بينما لم تتخذ القاهرة بعد أي خطوة محددة تجاه أنقرة للإشارة إلى رد فعل على الرسائل السياسية العديدة التي بعث بها كبار المسؤولين الأتراك

وقالت المصادر إن “القيادة المصرية تحب السير ببطء وحذر وعدم أخذ زمام المبادرة في مثل هذا النوع من الأزمات المعقدة ، خاصة عندما تكون مكونات الأزمة غير مستقرة وتسيطر عليها أطراف مختلفة، إنها تفضل الرهان على عامل الوقت ، والذي يمكن أن يخلق واقعًا بألوان غير مناسبة “

وأوضحت المصادر أن “مصر تتفهم دوافع التغيير في الموقف السعودي” من أنقرة ، في ظل تقديرات الرياض بأن التطور الإيجابي لن يضر بمصالحها وأهدافها في هذه المرحلة الدقيقة، المشكلة بحسب المصادر هي أن القيادة التركية “ليست صادقة ولن يكون لديها نوايا واضحة تماما، لقد أبقوا ملف اغتيال جمال خاشقجي مفتوحًا عن عمد حتى يتمكنوا من استخدامه لتحقيق مكاسب سياسية في أي لحظة “

وقالت المصادر إن مصر والسعودية كان لهما في الماضي قراءات متباينة لما كان يحدث في كل من سوريا واليمن ، ناهيك عن إيران ، ومع ذلك لم تتأثر علاقاتهما في أي مرحلة بسبب تفاهمهما المشترك على الخطوط العريضة التي يحافظ عليها تحالفهم

القاهرة والرياض تتقاطعان مع أنقرة في ملفات قطر والإخوان المسلمين، الملف الأول هو بالأحرى مشكلة كبيرة ، ويبدو أن الرياض مستعدة للتغاضي عن جزء كبير من المعوقات في هذا الملف إذا كانت الإدارة الأمريكية الحالية مصممة على إيجاد تسوية مناسبة للأزمة وعدم تركها تحت مراقبة إدارة جديدة

لكن القاهرة لها زاوية مختلفة في المعضلة مع قطر ، حيث تتشابك هذه المعضلة مع الملف الثاني ، وهو دعم قطر للإخوان المسلمين، من منظور مصري ، لا يمكن نزع فتيل الأزمة مع قطر دون التوصل إلى اتفاق يتضمن ملف الإخوان ، تتشابه فيه وجهات نظر أنقرة والدوحة

يزداد الأمر صعوبة في ظل حقيقة أن تركيا تتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية في تركيا كمشروع لـ “حكومة في المنفى” المصرية تنتظر فرصة العودة إلى الوطن واستئناف متابعة أهدافهم الأولية، وهذا بدوره يمثل تشكيكًا خفيًا في شرعية النظام المصري الحالي ، ويبرر احتضانه للإخوان المصريين رغم كل إخفاقاته

وقالت المصادر إن القاهرة تنتظر ما سيظهر من المحادثة الهاتفية الأخيرة بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوغان

أعلن كبار المسؤولين السعوديين بالفعل أنه “لا توجد مشكلة مع تركيا” ، وهناك حديث مستمر عن حوار يجري بالفعل بين البلدين

وتعتبر الدول المقاطعة لقطر أن مصر هي الثقل الموازن الرئيسي للدعم التركي للدوحة ، حيث أن القاهرة بثقلها البشري والسياسي ستكون دائمًا عقبة أمام أي توسع تركي في المنطقة

ومع ذلك ، استثمرت تركيا بشكل كبير اقتصاديًا وسياسيًا وإعلاميًا في مشروعها ، وقدمت إياه كخطة لتغيير جذري، وهذا بدوره يعني أن عمق الأزمة بين البلدين يتجاوز مرحلة حلها بجلستي مصالحة

استبعدت مصادر سياسية مصرية تراجع قطر عن دعمها لجماعة الإخوان المسلمين المصرية وجهودها لاستعادة حكمهم في مصر ، حتى لو تمكنت تركيا من تغيير بعض مواقفها تجاه مصر

وأشارت المصادر  إلى أن القاهرة رسمت خطا أحمر لأنقرة في ليبيا ، وهو ما صمد حتى الآن ، بينما وضعت تركيا خطاً مماثلاً في خنادق مشروع الإخوان المسلمين ، وما زالت صامدة، كذلك، ما تفعله القاهرة ينتظر ليرى إلى أي مدى يمكن لهذا الخط أن يصمد في خضم مد وتدفق ملحوظ للوضع

الرسائل المتفرقة التي أرسلتها أنقرة مؤخرًا إلى القاهرة لم تتطرق صراحةً إلى مصير جماعة الإخوان المسلمين المصرية المنفية ، وركزت على تلميحات تتعلق بقضايا شرق البحر المتوسط ​​وليبيا ، حيث اتخذت القاهرة بالفعل خطوات لإبقاء تركيا في مأزق ومقاومتها استفزازات من خلال تشكيل شبكة أمان إقليمية ودولية ، وفي أي تغيير يحتاج إلى جهود تنسيق كبيرة مع مختلف الأطراف

ويقول مراقبون إن ورقة الإخوان مهمة لكل من تركيا ومصر ، ولن يتجاهلها أي منهما إلا تحت ضغوط معينة أو مكاسب مغرية، يعتقد النظام التركي أن التضحية بالإخوان المصريين سيكلفه غالياً ، لأنه يتبنى نفس الفكر والنهج في السلطة مثل الإخوان ، والتخلي عن كل ذلك ثمن باهظ ، ما لم يكن العرض البديل بالطبع هو أكثر سخاء

القاهرة غير مهتمة بتسوية ملف الإخوان مع أنقرة ، لأنه ورقة تمنحها مساحة واسعة للإستمرار على طريق سياستها المتشددة تجاه التيار الإسلامي الممول من تركيا وقطر ، وأي مصالحة مع أنقرة ستفعل ذلك، يؤدي ضمنيًا إلى تخفيف هذه السياسة الصارمة

ولا يستبعد المراقبون حدوث تغيير مفاجئ في الحسابات المصرية بشأن ملف الإخوان بسبب وصول الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض ، وبالتالي فإن احتمال التوصل إلى تفاهم مع تركيا بشأن هذا الملف في المستقبل القريب يصبح قوياً إلى حد ما ، لأن القيام بذلك قد يخلص كل من القاهرة وأنقرة من إحدى أدوات الضغط السياسي المزعجة على كل طرف في الفترة المقبلة

ويضيفون أن المعضلة والحل في نفس الوقت يكمن في حقيقة أن بعض الدول الغربية قد تقرر تصنيف جماعة الإخوان المسلمين على أنها جماعة إرهابية ، في ظل الهجمات الإرهابية الدموية الأخيرة التي وقعت في فرنسا والنمسا، قد تجد مصر في هذا التطور الفرصة المثالية للإستمرار في تقويض الجماعة ، وستضطر تركيا إلى زيادة المسافة بينها وبين مصر لاستبعاد المبادلة بالتيار الإسلامي

قال الباحث التركي محمد عبيد الله ، المقيم في القاهرة ، إن أردوغان يستعد للإلتفاف نحو الغرب لتخفيف حدة علاقته المتوترة معه، ويخشى أردوغان السيناريو الذي تتصاعد فيه الحملة المناهضة لأردوغان في أوروبا لدرجة أن جو بايدن سيقفز على عربتها بحماس، كان الرئيس التركي قد تلقى بالفعل تحذيرات من عواقب استمرار تجاوزاته ، وربما يواجه الآن عقوبات بسبب ابتزازه السابق

في تصريح ، اعتبر عبيد الله أن مثل هذا التحول قد يمنح القاهرة فرصة جيدة لمزيد من الحراك السياسي ، لأنه يعني أن أردوغان لن يكون على استعداد كما كان من قبل لممارسة شغفه بالضغط على بعض الدول من خلال مشاركته، في الأزمات والبؤر الساخنة هنا وهناك ، بما في ذلك ليبيا ، مما يمثل تهديدًا كبيرًا للأمن القومي المصري

تميل الحكومة المصرية إلى عدم التخلي عن سياسة الانتظار والترقب في التعامل مع التطورات في المنطقة ، قبل اختيار أفضل طريق لاتباعه ، وعادة ما يكون الطريق الأقل مخاطر وأضرارًا ، خاصة وأن الشرق الأوسط سيقع قريبًا تحت المجهر، إدارة جديدة في البيت الأبيض

ولم تتوقع المصادر المصرية حدوث تغيير في موقف القاهرة الحالي ، بغض النظر عن المدى الذي يمكن أن تصل إليه المحادثات السعودية المفتوحة مع تركيا، بدأت معركة مصر مع أنقرة قبل سنوات من معركة الرياض ، واستمرت عمليات التصعيد في حلقات منفصلة تتعلق بحسابات كل دولة

لذا ، إذا كانت العقدة المركزية في أزمة مصر مع تركيا تكمن في احتضان الأخيرة لجماعة الإخوان المسلمين المصرية ودعم المتطرفين ، فستكون أيضًا مفتاح حل الأزمة أو إدامتها

شاهد أيضاً

كيف تستغل إيران الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في جميع أنحاء الشرق الأوسط

بدأت وسائل الإعلام الموالية لإيران في الاهتمام بالاحتجاجات ضد إسرائيل التي اندلعت في الأردن. ويشير …